الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى أخيه.... حفظه الله تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: سجود السهو تارة يكون قبل السلام، وتارة يكون بعد السلام. فإن كان قبل السلام سجد سجدتين إذا أكمل التشهد وسلم، وإن كان بعد السلام سجد سجدتين بعد أن يسلم ثم سلم مرة ثانية بعد السجدتين. * يكون السجود قبل السلام في موضعين: أحدهما: إذا كان عن نقص، مثل: أن ينسى التشهد الأول، أو ينسى أن يقول: "سبحان ربي العظيم" في الركوع، أو ينسى أن يقول: "سبحان ربي الأعلى في السجود، أو ينسى أن يكبر غير تكبيرة الإحرام، أو ينسى أن يقول: "سمع الله لمن حمده" عند الرفع من الركوع. فإن نسي مثل هذه الواجبات؛ وجب عليه سجود السهو قبل السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الثاني: إذا شك في عدد الركعات فلم يدر كم صلى ولم يترجح عنده شيء، فإنه يبني على الأقل ويسجد للسهو قبل السلام، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أم اربعاً ولم يترجح أنها ثلاث أو أربع فليجعلها ثلاثاً ويصلي الرابعة، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: * ويكون السجود بعد السلام في موضعين: أحدهما: إذا كان عن زيادة، مثل أن ينسى فيركع مرتين، أو يسجد ثلاث مرات، أو ينسى فيزيد ركعة، أو ينسى فيسلم قبل تمام صلاته ثم يذكر فيتمها، فإذا فعل مثل هذه الأمور، وجب عليه سجود السهود بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الثاني: إذا شك في عدد الركعات، فلم يدر كم صلى وترجح عنده أحد الطرفين فإنه يبني على ما ترجح عنده فيتم صلاته عليه ويسلم ثم يسجد سجدتين ويسلم. فإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً وترجح عنده أنها ثلاث، فليصل الرابعة ويسلم ثم يسجد سجدتين، ويسلم، وإذا شك هل صلى ثلاثاً أم اثنتين وترجح عنده أنها ثلاث، جعلها ثلاثاً وصلى الرابعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم(5)
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الأمر الذي تشتكين منه، يشتكي منه كثير من المصلين، وهو أن الشيطان يفتح عليه باب الوساوس أثناء الصلاة، فربما يخرج الإنسان وهو لا يدري عما يقول في صلاته، ولكن دواء ذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن ينفث الإنسان عن يساره ثلاث مراة وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(7) وعلى المرء إذا دخل في الصلاة أن يعتقد أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي الله تبارك وتعالى، ويتقرب إليه بتكبيره وتعظيمه، وتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، وبالدعاء في مواطن الدعاء في الصلاة، فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور، فإنه يدخل في الصلاة بخشوع وتعظيم الله سبحانه وتعالى ومحبة لما عنده من الخير، وخوف من عقابه إذا فرط فيما أوجب الله عليه.
فأجاب الشيخ بقوله: اختلف العلماء – رحمهم الله – فيما إذا لم يحضر القلب في أكثر الصلاة. فمن العلماء من قال: إذا غلب الوسواس يعني: الهواجس أكثر الصلاة بطلت الصلاة، لكن قول الجمهور: لا تبطل ولو غلب الوسواس على أكثرها. واستدل الجمهور بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: وهذا يدل على أن الوسواس لا تبطل الصلاة به، وهذا القول أرفق بالناس، وأقرب إلى ما تقتضيه الشريعة الإسلامية في اليسر والتسهيل؛ لأننا لو قلنا ببطلان الصلاة في حال غفلة الإنسان، وعدم حضور قلبه لبطلت صلاة كثير من الناس. وإن كان القول بالبطلان لا يستلزم هذا؛ لأنه ربما قلنا: إنه إذا غلبت الوساوس على الصلاة بطلت، ربما يكون هذا سبباً لشد الناس إلى حضور قلوبهم في الصلاة، لكن على كل حال يظهر أن رأي الجمهور هو الصحيح، أن الإنسان إذا لم يحضر قلبه في الصلاة فصلاته صحيحة، لكنها ناقصة بحسب ما غفل عن صلاته، وعلى الإنسان أن يجاهد نفسه، وأن يحاول بقدر ما يستطيع حضور قلبه في الصلاة.
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في هذه الحالة أن الإنسان إذا غلب على صلاته الهواجس في أمور الدنيا، أو في أمور الدين، كمن كان طالب علم وصار ينشغل إذا دخل في الصلاة بالتدبر في مسائل العلم، إذا غلب هذا على أكثر الصلاة فإن أكثر أهل العلم يرون أن الصلاة صحيحة، وأنها لا تبطل بهذه الوساوس، لكنها ناقصة جداً فقد ينصرف الإنسان من صلاته، ولم يكتب له إلا نصفها، أو ربعها، أو عشرها أو أقل(9) أما ذمته فتبرأ بذلك ولو كثر، لكن ينبغي للإنسان أن يكون حاضر القلب في صلاته؛ لأن ذلك هو الخشوع، والخشوع هو لب الصلاة وروحها. ودواء ذلك أن يفعل الإنسان ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم(10)
فأجاب فضيلته بقوله: المشروع في حق المصلي، إماماً كان أو مأموماً، أو منفرداً أن يحضر قلبه في صلاته، فيقبل عليها، ويعقل ما يقوله ويفعله ليكون مصلياً بقلبه وجوارحه، فأما صلاته بجوارحه مع غفلة قلبه فهي صلاة ناقصة، حتى قال بعض العلماء: إن الهواجس إذا غلبت على أكثر الصلاة بطلت الصلاة، وإذا أدت هذه الهواجس إلى ترك ما يلزم في الصلاة كان ذلك كتركه عمداً إن كان من الأركان، وكتركه سهواً إن كان من الواجبات، وعلى هذا فلا يتحمله الإمام عنه إن كان ركناً، أما إن كان واجباً فعليه سجود السهو لتركه، ويتحمل الإمام عنه سجود السهو إذا لم يفته شيء من الصلاة.
فأجاب فضيلته بقوله: الشكوك الكثيرة يجب طرحها وعدم الالتفات لها؛ لأنها تلحق الإنسان بالموسوس، ولا يقتصر الشيطان على تشكيكه في ذلك، بل يشككه في أمور أخرى حتى إنه قد تبلغ به الحال إلى أن تشككه الوساوس فيما يتعلق بالتوحيد، وصفات الله عز وجل، ويشككه في طلاق زوجته وبقائها معه، وهذا خطير على عقل الإنسان وعلى دينه. ولهذا قال العلماء: إن الشكوك لا يلتفت إليها في ثلاث حالات: الأولى: أن تكون مجرد وهم لا حقيقة له، فهذه مطرحة ولا يلتفت إليها إطلاقاً. الثانية: أن تكثر الشكوك، ويكون الإنسان كلما توضأ شك، وكلما صلى شك، وكلما فعل فعلاً شك، فهذا أيضاً يجب طرحه وعدم اعتباره. الثالثة: إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة، فإنه لا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر. مثال ذلك: لو شك بعد أن سلم من صلاته هل صلى ثلاثاً أم أربعاً في رباعية، فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك، لأن العبادة قد فرغت، إلا إذا تيقن أنه لم يصل إلا ثلاثاً فليأت بالرابعة ما دام الوقت قصيراً وليسجد للسهو بعد السلام، فإن طال الفصل أعاد الصلاة كلها من جديد.
فأجاب فضيلته بقوله: الخشوع في الصلاة هو: حضور القلب، ومما يعين عليه ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث شكي إليه أن الرجل يأتيه الشيطان ويوسوس له في صلاته، ويحول بينه وبين صلاته، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتفل الرجل عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم(11) ومنها أيضاً: أن يستحضر الإنسان عظمة من هو واقف بين يديه، وهو الله عز وجل ويقبل على صلاته يتدبر ما يقول من كلام الله، وما يقول من ذكر، وما يفعل من أفعال وحركات حتى يتبين له عظمة الصلاة. وحينئذ تزول عنه هذه الوساوس.
فأجاب فضيلته بقوله: الخشوع هو لب الصلاة ومخها، ومعناه: حضور القلب وأن لا يتجول قلب المصلي يميناً وشمالاً. وإذا أحس الإنسان بشيء يصرفه عن الخشوع فليتفل عن يساره ثلاث مرات، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم(12) ولا شك أن الشيطان حريص على إفساد جميع العبادات؛ لاسيما الصلاة التي هي أفضل العبادات بعد الشهادتين، فيأتي المصلي ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا. ويجعله يسترسل في الهواجس التي ليس منها فائدة والتي تزول عن رأسه بمجرد انتهائه من الصلاة. فعلى الإنسان أن يحرص غاية الحرص على الإقبال على الله – عز وجل – وإذا أحس بشيء من هذه الهواجس، والوساوس فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، سواء كان راكعاً أو في التشهد أو القعود أو في غير ذلك من صلاته. ومن أفضل الأسباب التي تعينه على الخشوع في صلاته: أن يستحضر أنه واقف بين يدي الله وأنه يناجي ربه.
فأجاب فضيلته بقوله: هذا لا يمكن الإجابة عليه من قبلي أنا، وإنما يمكن أن يوجه السؤال إلى نفس الذي يتصف بهذا الوصف، فإن كثيراً من الناس لا تلين قلوبهم للقرآن؛ لأن القرآن كثير التردد عليهم، وتلين قلوبهم للدعاء؛ لأنه يندر سماعهم إياه، ونحن نعرف أن الشيء إذا كان يكثر تردده لا يكون كالشيء الغريب. ولكني مع هذا أقول: إننا لو قرأنا القرآن بتدبر حقيقي، لكان هو السبب الوحيد لتليين القلوب، وإقبالها إلى الله عز وجل. وإنني بهذه المناسبة: أحث نفسي وإخواني على قراءة القرآن بتدبر وتأمل حتى ينتفعوا به، قال الله عز وجل في سورة (ق) بعد أن ذكر حال الإنسان عند موته وحال الإنسان عند الجزاء قال تعالى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بلغ البلاغ المبين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن كثيراً من الناس يجهلون كثيراً من أحكام سجود السهو في الصلاة. فمنهم من يترك سجود السهو في محل وجوبه. ومنهم من يسجد في غير محله. ومنهم من يجعل سجود السهو قبل السلام وإن كان موضعه بعده. ومنهم من يسجد بعد السلام وإن كان موضعه قبله. ولذا كانت معرفة أحكامه مهمة جداً، لاسيما للأئمة الذين يقتدي الناس بهم وتقلدوا المسؤولية في اتباع المشروع في صلاتهم التي يؤمون المسلمين بها، فأحببت أن أقدم لإخواني بعضاً من أحكام هذا الباب راجياً من الله تعالى أن ينفع به عباده المؤمنين فأقول مستعيناً بالله تعالى مستلهماً منه التوفيق للصواب: سجود السهو: عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي لجبر الخلل الحاصل في صلاته من أجل السهو، وأسبابه ثلاثه: الزيادة، والنقص، والشك. أولاً: الزيادة: إذا زاد المصلي في صلاته قياماً، أو قعوداً، أو ركوعاً، أو سجوداً متعمداً بطلت صلاته، وإن كان ناسياً ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها فليس عليه إلا سجود السهو، وصلاته صحيحة، وإن ذكر الزيادة في أثنائها وجب عليه الرجوع عنها وسجود السهو، وصلاته صحيحة. مثال ذلك: شخص صلى الظهر (مثلاً) خمس ركعات ولم يذكر الزيادة إلا وهو في التشهد، فيكمل التشهد، ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. فإن لم يذكر الزيادة إلا بعد السلام سجد للسهو وسلم، وإن ذكر الزيادة وهو في أثناء الركعة الخامسة جلس في الحال فيتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم. دليل ذلك: حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه[تقدم ص15.]– السلام قبل تمام الصلاة: السلام قبل تمام الصلاة من الزيادة في الصلاة، ووجه كونه من الزيادة أنه زاد تسليماً في أثناء الصلاة، فإذا سلم المصلي قبل تمام صلاته متعمداً بطلت صلاته. وإن كان ناسياً ولم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد ا لصلاة من جديد. وإن ذكر بعد زمن قليل كدقيقتين وثلاث فإنه يكمل صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم، دليل ذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وإذا سلم الإمام قبل تمام صلاته وفي المأمومين من فاتهم بعض الصلاة فقاموا لقضاء ما فاتهم ثم ذكر الإمام أن عليه نقصاً في صلاته فقام ليتمها، فإن المأمومين الذين قاموا لقضاء ما فاتهم يخيرون بين أن يستمروا في قضاء ما فاتهم ويسجدوا للسهو، وبين أن يرجعوا مع الإمام فيتابعوه، فإذا سلم قضوا ما فاتهم، وسجدوا للسهو بعد السلام. وهذا أولى وأحوط. ثانياً: النقص: أ- نقص الأركان: إذا نقص المصلي ركناً من صلاته فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمداً أم سهواً؛ لأن صلاته لم تنعقد. وإن كان غير تكبيرة الإحرام فإن تركه متعمداً بطلت صلاته. وإن تركه سهواً فإن وصل إلى موضعه من الركعة الثانية لغت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها، وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده، وفي كلتا الحالين يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام. مثال ذلك: شخص نسي السجدة الثانية من الركعة الأولى فذكر ذلك وهو جالس بين السجدتين في الركعة الثانية فتلغو الركعة الأولى وتقوم الثانية مقامها، فيعتبرها الركعة الأولى ويكمل عليها صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. ومثال آخر: شخص نسي السجدة الثانية والجلوس قبلها من الركعة الأولى فذكر ذلك بعد أن قام من الركوع في الركعة الثانية فإنه يعود ويجلس ويسجد، ثم يكمل صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. ب- نقص الواجبات: إذا ترك المصلي واجباً من واجبات الصلاة متعمداً بطلت صلاته. وإن كان ناسياً وذكره قبل أن يفارق محله من الصلاة أتى به ولا شيء عليه. وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به ثم يكمل صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه فيستمر في صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم. مثال ذلك: شخص رفع من السجود الثاني في الركعة الثانية ليقوم إلى الثالثة ناسياً التشهد الأول فذكر قبل أن ينهض فإنه يستقر جالساً فيتشهد، ثم يكمل صلاته ولا شيء عليه. وإن ذكر بعد أن نهض قبل أن يستتم قائماً رجع فجلس وتشهد، ثم يكمل صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. وإن ذكر بعد أن استتم قائماً سقط عنه التشهد فلا يرجع إليه فيكمل صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلم. دليل ذلك: ما رواه البخاري وغيره(15) ثالثاً: الشك: الشك: هو التردد بين أمرين أيهما الذي وقع. والشك لا يلتفت إليه في العبادات في ثلاث حالات: الأولى: إذا كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوساوس. الثانية: إذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيه شك. الثالثة: إذا كان بعد الفراغ من العبادة فلا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه. مثال ذلك: شخص صلى الظهر فلما فرغ من صلاته شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يلتفت لهذا الشك إلا أن يتيقن أنه لم يصل إلا ثلاثاً فإنه يكمل صلاته إن قرب الزمن ثم يسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم، فإن لم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد. وأما الشك في غير هذه المواضع الثلاثة فإنه معتبر. ولا يخلو الشك في الصلاة من حالين: الحال الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. مثال ذلك: شخص يصلي الظهر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجح عنده أنها الثالثة فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. دليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحال الثانية: أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم. مثال ذلك: شخص يصلي العصر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة ولم يترجح عنده أنها الثانية أو الثالثة فإنه يجعلها الثانية فيتشهد التشهد الأول، ويأتي بعده بركعتين، ويسجد للسهو ويسلم. دليل ذلك: ما رواه مسلم[تقدم تخريجه في ص42.] عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن أمثلة الشك: إذا جاء الشخص والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل، ثم يركع وحينئذ لا يخلو من ثلاث حالات: الأولى: أن يتيقن أنه أدرك الإمام في ركوعه قبل أن يرفع منه فيكون مدركاً للركعة وتسقط عنه قراءة الفاتحة. الثانية: أن يتيقن أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه فيه فقد فاتته الركعة. الثالثة: أن يشك هل أدرك الإمام في ركوعه فيكون مدركاً للركعة، أو أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه ففاتته الركعة، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بما ترجح فأتم عليه صلاته وسلم، ثم سجد للسهو وسلم إلا أن لا يفوته شيء من الصلاة فإنه لا سجود عليه حينئذ. وإن لم يترجح عنده أحد الأمرين عمل باليقين (وهو أن الركعة فاتته) فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.
فائدة: إذا شك في صلاته فعمل باليقين أو بما ترجح عنده حسب التفصيل المذكور ثم تبين له أن ما فعله مطابق للواقع وأنه لا زيادة في صلاته ولا نقص سقط عنه سجود السهو على المشهور من المذهب لزوال موجب السجود وهو الشك. وقيل: لا يسقط عنه ليراغم به الشيطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مثال ذلك: شخص يصلي فشك في الركعة أهي الثانية أم الثالثة؟ ولم يترجح عنده أحد الأمرين فجعلها الثانية وأتم عليها صلاته، ثم تبين له أنها هي الثانية في الواقع، فلا سجود عليه على المشهور من المذهب، وعليه السجود قبل السلام على القول الثاني الذي رجحناه. سجود السهو على المأموم: إذا سها الإمام وجب على المأموم متابعته في سجود السهو لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وسواء سجد الإمام للسهو قبل السلام أو بعده فيجب على المأموم متابعته إلا أن يكون مسبوقاً أي قد فاته بعض الصلاة فإنه لا يتابعه في السجود بعده لتعذر ذلك إذ المسبوق لا يمكن أن يسلم مع إمامه، وعلى هذا فيقضي ما فاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم. مثال ذلك: رجل دخل مع الإمام في الركعة الأخيرة، وكان على الإمام سجود سهو بعد السلام، فإذا سلم الإمام فليقم هذا المسبوق لقضاء ما فاته ولا يسجد مع الإمام فإذا أتم ما فاته وسلم سجد بعد السلام. وإذا سها المأموم دون الإمام ولم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه؛ لأن سجوده يؤدي إلى الاختلاف على الإمام واختلال متابعته؛ ولأن الصحابة – رضي الله عنهم – تركوا التشهد الأول حين نسيه النبي صلى الله عليه وسلم فقاموا معه ولم يجلسوا للتشهد مراعاة للمتابعة وعدم الاختلاف عليه. فإن فاته شيء من الصلاة فسها مع إمامه أو فيما قضاه بعده لم يسقط عنه السجود فيسجد للسهو إذا قضى ما فاته قبل السلام، أو بعده حسب التفصيل السابق. مثال ذلك: مأموم نسي أن يقول: "سبحان ربي العظيم" في الركوع، ولم يفته شيء في الصلاة، فلا سجود عليه. فإن فاتته ركعة أو أكثر قضاها ثم سجد للسهو قبل السلام. مثال آخر: مأموم يصلي الظهر مع إمامه فلما قام الإمام إلى الرابعة جلس المأموم ظناً منه أن هذه الركعة الأخيرة، فلما علم أن الإمام قائم قام فإن كان لم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه، وإن كان قد فاتته ركعة فأكثر قضاها وسلم، ثم سجد للسهو وسلم. وهذا السجود من أجل الجلوس الذي زاده أثناء قيام الإمام إلى الرابعة. تنبيه: تبين مما سبق أن سجود السهو تارة يكون قبل السلام، وتارة يكون بعده. فيكون قبل السلام في موضعين: الأول: إذا كان عن نقص، لحديث عبد الله بن بحينة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو قبل السلام حين ترك التشهد الأول. وسبق ذكر الحديث بلفظه. الثاني: إذا كان عن شك لم يترجح فيه أحد الأمرين، لحديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – فيمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد سجدتين قبل أن يسلم، وسبق ذكر الحديث بلفظه. ويكون سجود السهو بعد السلام في موضعين: الأول: إذا كان عن زيادة لحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فذكروه بعد السلام فسجد سجدتين ثم سلم، ولم يبين أن سجوده بعد السلام من أجل أنه لم يعلم بالزيادة إلا بعده، فدل على عموم الحكم وأن السجود عن الزيادة يكون بعد السلام سواء علم بالزيادة قبل السلام أم بعده. ومن ذلك: إذا سلم قبل إتمام صلاته ناسياً ثم ذكر فأتمها فإنه زاد سلاماً في أثناء صلاته فيسجد بعد السلام لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر أو العصر من ركعتين فذكروه فأتم صلاته وسلم ثم سجد للسهو وسلم وسبق ذكر الحديث بلفظه. الثاني: إذا كان عن شك ترجح فيه أحد الأمرين لحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من شك في صلاته أن يتحرى الصواب فيتم عليه، ثم يسلم ويسجد. وسبق ذكر الحديث بلفظه. وإذا اجتمع عليه سهوان موضع أحدهما قبل السلام، وموضع الثاني بعده فقد قال العلماء: يغلب ما قبل السلام فيسجد قبله. مثال ذلك: شخص يصلي الظهر فقام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد الأول وجلس في الثالثة يظنها الثانية ثم ذكر أنها الثالثة فإنه يقوم ويأتي بركعة ويسجد للسهو ثم يسلم. فهذا الشخص ترك التشهد الأول وسجوده قبل السلام، وزاد جلوساً في الركعة الثالثة وسجوده بعد السلام فغلب ما قبل السلام. والله أعلم. والله أسأل أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لفهم كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بهما ظاهراً وباطناً في العقيدة، والعبادة، والمعاملة، وأن يحسن العاقبة لنا جميعاً، إنه جواد كريم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين. تم تحريره بقلم الفقير إلى الله تعالى محمد الصالح العثيمين في 4/3/1400هـ.
فأجاب فضيلته بقوله: من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، أن جعل لكل نوع من أنواع الفريضة تطوعاً يشبهه، فالصلاة لها تطوع يشبهها من الصلوات، والزكاة لها تطوع يشبهها من الصدقات، والصيام له تطوع يشبهه من الصيام، وكذلك الحج. وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، ليزدادوا ثواباً وقرباً إلى الله تعالى، وليرقعوا الخلل الحاصل في الفرائض، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة. فمن التطوع في الصلاة: الرواتب التابعة للصلوات المفروضة، وهي أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وتكون بعد دخول وقت صلاة الظهر، ولا تكون قبل دخول وقت الصلاة، وركعتان بعدها، فهذه ست ركعات، كلها راتبة للظهر، أما العصر فليس لها راتبة، أما المغرب فلها راتبة ركعتان بعدها، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وتخص الركعتان قبل الفجر، بأن الأفضل أن يصليهما الإنسان خفيفتين، وأن يقرأ فيهما بـ ومن النوافل في الصلوات: الوتر، وهو من أوكد النوافل، حتى قال بعض العلماء بوجوبه، وقال فيه الإمام أحمد رحمه الله: "من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة". والوتر تختم به صلاة الليل، فمن خاف أن لا يقوم من آخر الليل أوتر قبل أن ينام، ومن طمع أن يقوم آخر الليل، فليوتر آخر الليل بعد إنهاء تطوعه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا نسي الوتر، أو نام عنه، فإنه يقضيه من النهار، لكن مشفوعاً، لا وتراً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث، صلى أربعاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس، صلى ستاً وهكذا. لأنه ثبت في الصحيح،
فأجاب فضيلته بقوله: طلب العلم أفضل من قيام الليل؛ لأن طلب العلم كما قال الإمام أحمد لا يعدله شيء لمن صحت نيته، بأن ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإذا كان الإنسان يسهر في أول الليل لطلب العلم ابتغاء وجه الله سواءً كان يدرسه أو كان يدرسه ويعلمه الناس فإنه خير من قيام الليل، وإن أمكنه أن يجمع بين الأمرين فهو أولى، لكن إذا تزاحم الأمران فطلب العلم الشرعي أفضل وأولى، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام(22)
فأجاب فضيلته بقوله: الوتر سنة مؤكدة في رمضان وغيره، حتى إن الإمام أحمد وغيره يقول: "من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل شهادته" فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم تركه لا في رمضان ولا في غيره، والوتر هو أن يختم صلاة الليل ركعة، وليس الوتر كما يفهمه بعض العوام أنه القنوت، فالقنوت شيء، والوتر شيء، فالوتر أن يختم صلاة الليل بركعة أو بثلاث سرداً. وعلى كل حال فالوتر سنة مؤكدة في رمضان وفي غيره ولا ينبغي للمسلم أن يدعه.
فأجاب فضيلته قائلاً: إذا طلع الفجر وأنت لم توتر فلا توتر، ولكن صل في النهار أربع ركعات إن كنت توتر بثلاث، وست ركعات إن كنت توتر بخمس وهكذا. لأن النبي صلى الله عليه وسلم
فأجاب فضيلته بقوله: لا يوتر بعد طلوع الفجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، إذا أذن وهو أثناء الوتر فإنه يتم صلاته ولا حرج عليه.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان من عادة المصلي أن لا يقوم إلا عند أذان الفجر فمن الأفضل أن يقدم الصلاة التي يريد أن يؤديها قبل أن ينام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل أن ينام(25) فأنت صل ما كتب الله لك من الصلاة، وأوتر قبل النوم، ونم على وتر، وإذا قدر لك القيام قبل إذان الفجر وأردت أن تصلي نفلاً فلا حرج عليك على أن تصلي هذا النفل ركعتين، ولا تعيد الوتر.
فأجاب فضيلته بقوله: يقضي الوتر إذا نام عنه في النهار لكن يكون شفعاً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث قضاه أربعاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بواحدة قضاه ركعتين. وأما الفريضة والراتبة فيقضيها على صفتها.
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز لمن أوتر بثلاث أن يوتر على صفتين: إحداهما: أن يصلي ركعتين ثم يوتر بواحدة منفردة. والثانية: أن يوتر بثلاث جميعاً لا يفصل بينهن بجلوس ولا بتسليم لأن ذلك كله قد ورد عن السلف، وأظن فيه حديثاً مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الثلاث(26)
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أوتر الإنسان بثلاث، فيجوز أن يصليها على وجهين: إما أن يجمعها جميعاً في تشهد واحد فيصلي الثلاث ركعات جميعاً في تشهد واحد، وتسليم واحد. وإما أن يصلي ركعتين ويتشهد ويسلم، ثم يصلي الثالثة. وأما إذا أوتر بخمس فإن الأفضل أن يسردها جميعاً ويتشهد في الخامسة ويسلم. وإذا أوتر بسبع فكذلك يسردها جميعاً ويتشهد في السابعة ويسلم. وإذا أوتر بتسع سردها جميعاً لكنه يتشهد بعد الثامنة ولا يسلم، ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ويسلم. وإذا أوتر بإحدى عشرة فإنه يسلم من كل ركعتين هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأجاب فضيلته بقوله: هذا حديث مطلق، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم داخل في هذا المطلق، وفعل بعض الأفراد على وجه لا يخالف الإطلاق لا يعد تقييداً كما هو معروف عند الأصوليين، فأنت لو قلت: أكرم رجلاً. وقلت: أكرم محمداً: فلا يعني ذلك أن الحكم يتقيد بمحمد؛ لأنه داخل في أفراد المطلق، ولكن يصدق عليه أنك التزمت الأمر، وكذلك لو قلت: أكرم الرجال، فأكرمت واحداً بعينه، فلا يعتبر ذلك تخصيصاً، بل نقول: إذا ذكر بعض أفراد العام بحكم لا يتنافى مع حكم العام فليس هذا من باب التخصيص فكذلك في التقييد.
فأجاب فضيلته بقوله: الوتر بركعة وبالثلاث وبالخمس والسبع والتسع كله جائز وردت به السنة، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال صلى الله عليه وسلم: وأما الإيتار بثلاث كصلاة المغرب فإنه منهي عنه؛ لأن النافلة لا ينبغي أن تشبه بالفريضة، فإن لكل حكمه وشأنه، فالإيتار بالثلاث على وجهين: إما أن يسلم عند الركعتين ويوتر بالثالثة كما صح ذلك من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – من فعله(32) وإما أن يوتر بثلاث بدون تشهد إلا في الأخيرة كما في حديث عائشة الثابت في الصحيحين أنها سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: وأما الصفة الثالثة للإيتار بالثلاث وهي أن يجعلها كصلاة المغرب فإنها لم ترد، والذي يحضرني الآن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشبه الوتر بالمغرب.
فأجاب فضيلته بقوله: كلاهما صواب، فإذا أوتر الإنسان بثلاث فإنه يجوز أن يصلي ركعتين ويسلم، ثم يأتي بالثالثة ويسلم، ويجوز أن يسرد الثلاث جميعاً بسلام واحد وبتشهد واحد لا بتشهدين كالمغرب، وعلى هذا فالذي يوتر بثلاث نقول لك الخيار؛ إن شئت فأوتر بثلاث مقرونة جميعاً لكن بتشهد واحد، وإن شئت أوتر بثلاث؛ ركعتين وحدهما، وركعة واحدة وحدها. والله الموفق.
فأجاب فضيلته بقوله: الوتر سنة مؤكدة لا ينبغي تركها، ولكن إذا غلبك النوم فاقض الوتر من النهار شفعاً، فإذا كان الإنسان يوتر بثلاث صلى أربعاً، وإذا كان يوتر بخمس صلى ستاً، وإذا كان يوتر بسبع صلى ثمان، وإذا كان يوتر بتسع صلى عشراً، وإذا كان يوتر بإحدى عشرة صلى اثنتي عشرة ركعة، وينبغي للإنسان إذا كان يخشى أن لا يقوم آخر الليل أن يوتر قبل أن ينام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل أن ينام(34)
فأجاب فضيلته بقوله: كان النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً، فاختلف العلماء في تخريج هذا، مع قوله صلى الله عليه وسلم: فقال بعض العلماء: نأخذ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما فعله فهو خاص به؛ لأننا إذا واجهنا الله عز وجل يوم القيامة وقلنا، إننا نصلي ركعتين بعد الوتر، لأن نبيك صلى الله عليه وسلم صلاها سيقول الله عز وجل: ألم يقل لك نبيي: اجعل آخر صلاتك بالليل وتراً؟ ولم يقل صل ركعتين بعد الوتر وأنت جالس؟ فلماذا لم تتبع القول، فقد يكون الفعل خاصاً بالرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا التقدير ليس هناك إشكال، فهاتان الركعتان ليستا تشريعاً للأمة، بل هما من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعض العلماء: إن هاتي الركعتين لا تنافيان قول النبي صلى الله عليه وسلم:
فأجاب فضيلته بقوله: يريد السائل أن يقول: هل يجوز أن يوتر الإنسان بركعة واحدة، بعد راتبة العشاء؟ الجواب: يجوز أن يوتر بواحدة بعد صلاة العشاء وارتبتها. وأن يوتر بثلاث سرداً بتشهد بآخرها، وأن يوتر بثلاث يسلم من ركعتين ثم يأتي بالثالثة، وأن يوتر بخمس سرداً بتسليم واحد، وسبع ركعات سرداً كذلك بسلام واحد، وأن يوتر بتسع سرداً، وأن يتشهد عقب الثامنة ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويسلم، ويجوز أن يوتر بإحدى عشرة ركعبة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة. فالأمر في هذا واسع(38) وأما القراءة: فيقرأ ما تيسر له سواء أوتر بواحدة، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة، إلا إذا أوتر بثلاث، فالأفضل أن يقرأ في الأولى:
فأجاب فضيلته بقوله: نقض الوتر عند من يقول به أن الإنسان إذا أوتر في أول الليل ثم قام من آخر الليل يتهجد، بدأ قيامه في آخر الليل بركعة لتشفع الركعة الأولى، حتى تكون الركعتان شفعاً، ثم يصلي ركعتين ركعتين وإذا انتهى صلى الوتر. ولكن هذا القول ضعيف وليس بصحيح، ولكن إذا أوتر الإنسان في أول الليل بناء على أنه لا يقوم من آخر الليل فإنه يكون ممتثلاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى الإنسان مع الإمام الأول وأوتر(42) ولكن قد يقول لنا قائل: ما دليلكم على أنه يجوز للإنسان أن يزيد على إمامه ركعة؟ فالجواب على ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه في غزوة الفتح يصلي ركعتين ويقول لأهل مكة: ولكن نقول إذا صلى مع الإمام الأول حتى انصرف وأوتر معه، فهل يحسب له قيام ليلة؟ هذا محل نظر: فقد يقول قائل: إن اتحاد المكان يقتضي اتحاد الإمام؛ لأن المصلى واحد فالإمام الثاني كأنه نائب عن الإمام الأول. وقد يقول آخر: إن انفراد الأول بصلاة كاملة فيها وترها يقتضي أنها صلاة مستقلة عن الثاني، وتكون الصلاة الثانية قياماً جديداً. فبناء على الاحتمال الأول يكون الإنسان الذي يريد أن يبقى مع الإمام حتى ينصرف، لا ينصرف إلا بعد القيام الثاني. وعلى الاحتمال الثاني نقول: من انصرف مع الإمام الأول وأوتر معه، فقد حصل له قيام الليلة. وحيث كان هذان الاحتمالان واقعين فإن الأفضل فيما أرى أن يصلي الإنسان مع الأول فإذا سلم الإمام من وتره، أتى بركعة يشفعه، ثم قام مع الإمام الثاني، وانصرف مع إذا أوتر.
فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أن تصلي مع الإمام الأول حتى يسلم، فإذا سلم من الوتر أتيت بركعة ليلكون هذا شفعاً للوتر، ثم توتر مع الإمام الثاني في آخر الليل، بهذا تكون ممتثلاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ولكن هنا مسألة، وهي أن بعض الناس يورد علينا إيراداً على هذا القول فيقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي إلا إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة؟ قلنا: أيضاً هذا من السنة، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الإمام
وقال حيث سئل عن صلاة الليل:
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قمت متأخر فصل ركعتين خفيفتين ثم أوتر، إما بركعة، أو بثلاث ركعات في تشهد واحد؛ لأنه يمكنك في هذه الحال أن توتر، وكونك توتر بركعة، أو بثلاث خير من تأخيرك إياها في النهار.
فأجاب فضيلته بقوله: من فاته الوتر في الليل فإنه يقضيه في النهار في الضحى ويجعله شفعاً بدل أن يكون وتراً؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان غلبه النوم صلى في النهار ثنتي عشرة ركعة.
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الفعل لا يصح؛ لأنه ليس من التعبد لله أن تتعبد له بركعة مبتورة إذ لابد في الركعة من قيام، وركوع، وسجود وقعود. وهذا الرجل ما ركع ولا قام قبل الركوع مع الإمام، وإنما وقف بعد الركوع. فنقول لا يجوز مثل هذا الفعل؛ لأنه من الاستهزاء بآيات الله وعليه إذا سلم إمامه وقد أدركه في القنوت أن يأتي بالركعة التي فاتته.
فأجاب فضيلته بقوله: دعاء الوتر المعروف الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي – رضي الله عنهما – ومع ذلك لو أن إمامه يقنت في صلاة الفجر فإنه يتابعه على قنوته، ويؤمن على دعائه كما نص على ذلك الإمام أحمد – رحمه الله – لأن هذا من باب توحيد المسلمين وجمع كلمتهم. وأما حدوث العدواة والبغضاء في مثل هذه الخلافات في أمر يسعه اجتهاد أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينبغي، بل الذي يجب وخصوصاً طالب العلم أن يكون صدره رحباً واسعاً، يسع الخلاف بينه وبين إخوانه، وخصوصاً إذا علم من إخوانه حسن القصد وسلامة الهدف وأنهم لا يريدون إلا الحق، وكانت المسألة مما تدخل في باب الاجتهاد؛ لأن اجتهادك المخالف له ليس أولى بالصواب من قوله المخالف لقولك؛ لأن القول بالاجتهاد وليس فيه نص، فكيف تنكر عليه الاجتهاد ولا تنكر على نفسك؟ فهل هذا إلا جور وعدوان في الحكم.
فأجاب فضيلته قائلاً: القنوت في صلاة الفجر لا ينبغي إلا إذا كان هناك سبب، مثل أن ينزل بالمسلمين نازلة من نوازل الدهر، فإنه لا بأس أن يقنت الإمام ويدعو الله برفع هذه النازلة في صلاة الفجر وغيرها، وأما بدون سبب فإنه لا يقنت، وهذا هو القول الصحيح، ولكن لو صلى الإنسان مع إمام يقنت فإنه يتابعه، ويؤمن على دعائه، كما نص على ذلك الإمام أحمد – رحمه الله -.
فأجاب قائلاً: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد: القنوت في صلاة الفجر بصفة مستمرة لغير سبب شرعي يقتضيه مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت في صلاة الفجر على وجه مستمر لغير سبب شرعي، والذي ثبت عنه من القنوت في الفرائض أنه كان يقنت في الفرائض عند وجود سبب، وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أنه يقنت في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة تستدعي ذلك، ولا يختص هذا بصلاة الفجر، بل في جميع الصلوات. ثم اختلفوا؛ هل الذي يقنت الإمام وحده. والمراد بالإمام: الذي له السلطة العليا في الدولة أو يقنت كل إمام بجماعة في مسجد. أو يقنت كل مصل ولو منفرداً؟ فمن أهل العلم من قال: إن القنوت في النوازل خاص بالإمام؛ أي بذي السلطة العليا في الدولة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يقنت في مسجده، ولم ينقل أن غيره كان يقنت في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيه. ومنهم من قال: إنه يقنت كل إمام جماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت لأنه إمام المسجد. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومنهم من قال: يقنت كل مصل؛ لأن هذا أمر نازل بالمسلمين، والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضاً. والقول الراجح أنه يقنت الإمام العام، ويقنت غيره من أئمة المساجد، وكذلك من المصلمين وحدهم لكن لا يقنت في صلاة الفجر بصفة دائمة لغير سبب شرعي، وأن ذلك خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وأما إذا كان هناك سبب فإنه يقنت في جميع الصلوات الخمس، على الخلاف الذي أشرت إليه آنفاً. ولكن القنوت كما قال السائل: ليس هو قنوت الوتر؛ ثم إذا كان الإنسان مأموماً هل يتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمن معه، أم يرسل يديه على جنبيه؟ والجواب على ذلك أن نقول: بل يؤمن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعاً للإمام خوفاً من المخالفة. وقد نص الإمام أحمد – رحمه الله – على أن الرجل إذا ائتم برجل يقنت في صلاة الفجر، فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه، مع أن الإمام أحمد – رحمه الله – لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه، لكنه – رحمه الله – رخص في ذلك؛ أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفاً من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب. وهذا هو الذي جاء عن الصحابة – رضي الله عنهم – فإن أمير المؤمنين عثمان – رضي الله عنه – في آخر خلافته كان يتم الصلاة في منى في الحج، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة، لكنهم كانوا يتابعونه ويتمون الصلاة. ويذكر عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه قيل له: يا أبا عبد الرحمن كيف تصلي مع أمير المؤمنين عثمان أربعاً ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر يفعلون ذلك؟ فقال – رضي الله عنه -: "الخلاف شر"(50) وبقي في قول السائل: "أو يرسل يديه على فخذيه". فإن ظاهر كلامه أنه يظن أن المشروع بعد الرفع من الركوع إرسال اليدين على الفخذين، وهذا – وإن قال به من قال من أهل العلم – قول مرجوح، والذي دلت عليه السنة أن الإنسان المصلي إذا رفع من الركوع فإنه يضع يديه كما صنع فيها قبل الركوع؛ أي يضع يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر. ودليل ذلك حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة"(51) وقوله: "في الصلاة" يعم جميع أحوال الصلاة، لكن يخرج منه حال السجود؛ لأن الإنسان في السجود تكون يديه على الأرض، وحال الجلوس؛ لأن اليدين على الفخذين، وحال الركوع؛ لأن اليدين على الركبتين. فما عدا ذلك تكون اليد اليمنى على اليسرى، كما يقتضيه هذا العموم. هذا هو القول الراجح في هذه المسألة، وبعض العلماء قال: إن السنة أن يرسل يديه بعد الركوع. والإمام أحمد – رحمه الله – قال: يخير بين أن يضع أو يرسل.
فأجاب فضيلته بقوله: دعاء القنوت منه ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي بن أبي طالب:
فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن لا يكون غلو ولا تقصير، فالإطالة التي تشق على الناس منهي عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أطال الصلاة في قومه غضب صلى الله عليه وسلم غضباً لم يغضب في موعظة مثله قط، وقال لمعاذ بن جبل: فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة، ولا شك في أن الإطالة شاقة على الناس وترهقهم، ولا سيما الضعفاء منهم، ومن الناس من يكون وراءه أعمال ولا يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام، فنصيحتي لإخواني الأئمة أن يكونوا بين بين، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحياناً حتى لا يظن العامة أن الدعاء واجب.
فأجاب فضيلته بقوله: نعم من السنة أن يرفع الإنسان يديه عند دعاء القنوت؛ لأن ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قنوته حين كان يقنت في الفرائض عند النوازل(55) فرفع اليدين عند قنوت الوتر سنة، سواء كان إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً، فكلما قنت فارفع يديك.
فأجاب – حفظه الله – بقوله: الزيادة على ذلك لا بأس بها؛ لأنه إذا ثبت أن هذا موضع دعاء ولم يحدد هذا الدعاء بحد ينهى عن الزيادة فيه فالأصل أن الإنسان يدعو بما شاء، ولكن بعد المحافظة على ما ورد. بمعنى أن يقدم الوارد ومن شاء أن يزيد فلا حرج، ولهذا ورد عن الصحابة – رضي الله عنهم – أنهم يلعنون الكفرة في قنوتهم مع أن هذا لم يرد فيما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب، وحينئذ لا يبقى في المسألة إشكال، على أن لفظ الحديث:
فأجاب بقوله: هذا القول لم يثبت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما من تعليمه للحسن بن علي، وقد قال الحسن للرسول صلى الله عليه وسلم: فلا بأس أن يزيد الإنسان على هذا الدعاء في قنوت الوتر، وإن كان وحده فليدع بما شاء، ولكن الأفضل أن يختار الإنسان جوامع الدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بجوامع الدعاء، ويدع ما دون ذلك. وينبغي للإمام أن لا يطيل على الناس وألا يشق عليهم. ولهذا لما جاء الرجل يشكو معاذاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطيل بهم في صلاة العشاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:
فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: قبل الإجابة على هذا السؤال أنا أحمد الله سبحانه وتعالى أننا نجد من إخواننا من يعتنون بالحديث وبأسانيد الحديث ويحرصون عليه؛ لأن هذه طريقة طيبة جداً، ونحن نحبذها، ونود أن تكون علوم الشباب مبنية على ذلك؛ لأن السند هو الطريق إلى ثبوت الأحكام أو نفيها. ولكن في هذا السند شيء من الآفات: أولها: عنعنة قتادة، وقتادة – رحمه الله – وإن كان ثقة لكنه من المدلسين، والمدلس إذا عنعن فإنه لا يقبل حديثه إلا إذا علم أنه جاء من طريق آخر مصرحاً فيه بالسماع. وكذلك أيضاً يقول معاذ بن هشام عن أبيه. ثم إن قول السائل في آخر السؤال إن ذلك بمحضر أكابر الصحابة – رضي الله عنهم – هذا في الحقيقة غير مسلم؛ لأن المهاجرين والأنصار في عهد أمير المؤمنين عمر – رضي الله عنه – تفرق منهم أناس في الأمصار، في البصرة وفي الكوفة وفي غيرهما، فليس ذلك بمحضر منهم، وإنما هو بمحضر من هؤلاء الذين يصلون في المسجد – إن صح الأثر – ثم إن هذه المقدمة التي توصل بها السائل إلى أن يجعل ذلك مثل الإجماع أو إجماعاً، فأنا ما علمت أحداً من أهل العلم سلك مثل هذه الطريقة بحيث يجعل ما عمل في مسجد من مساجد المدينة من الأمور التي تكون كالإجماع، وإنما يعدون ما كان كالإجماع إذا اشتهر بين الناس ولم ينكر. فلو كان هذا من الأمور المشتهرة التي لم تنكر قلنا إنه قد يكون كالإجماع، فعلى هذا نحن نشكر الأخ على هذا السؤال، ونسأل الله أن يزيدنا وإياه علماً، ونقول: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي من الدعاء الذي ينبغي للإنسان أن يلازمه دائماً؛ لأنه في الحقيقة إذا صلى الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه بها عشراً(61) الصلاة مني أنا مثلاً (إذا قلت اللهم صل على محمد) فأنا أسأل الله أن يصلي عليه. لكن ما معنى صلاة الله عليه؟
قال بعض العلماء: إن صلاة الله على رسوله رحمته. ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الله تعالى قال في القرآن:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة شيخنا العلامة: محمد الصالح العثيمين حفظه الله ورعاه.. ما قولكم فيمن يقول في دعائه في القنوت في رمضان أو غيره: يا من لا تراه العيون أو يخصص (62) آفتونا مأجورين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب: هذه أسجاع غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف. والجملة الأولى: يا من لا تراه العيون إن أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من أن الله تعالى يرى في الآخرة. وإن أراد في الدنيا فإن الله تعالى يثنى عليه بالصفات على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية. والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل. فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد. كتبه محمد الصالح العثيمين في 12/8/1417هـ.
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، واصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: فإننا نسمع دعاء القنوت المشهور الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما – وهذا بيان لمعاني هذا الدعاء والله الموفق: "اللهم اهدنا" ما المراد بالهداية هنا؟ هل المعنى دلنا على الحق فيمن دللت؟ أو أن المعنى دلنا على الحق ووفقنا لسلوكه؟ الجواب الثاني: أن المعنى دلنا على الحق ووفقنا لسلوك الحق وذلك؛ لأن الهداية التامة النافعة هي التي يجمع الله فيها للعبد بين العلم والعمل؛ لأن الهداية بدون عمل لا تنفع بل هي ضرر؛ لأن الإنسان إذا لم يعمل بما علم صار علمه وبالاً عليه. مثال الهداية العلمية بدون العمل: قوله تعالى: أي بينا لهم الطريق وأبلغناهم العلم، ولكنهم – والعياذ بالله – استحبوا العمى على الهدى. ومن الهداية التي هي العلم وبيان الحق قول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: أي تدل وتبين، وتعلم الناس الصراط المستقيم. وأما الهداية التي بمعنى التوفيق، فمثل قول المصلي فعندما نقول: الجواب: ينبغي للإنسان إذا دعا الله بقول: فالعلم الذي هو الإرشاد، والعمل هو التوفيق، وهذا فيما أظن – والعلم عند الله – أنه يغيب عن بال كثير من الناس عندما يقول: وقوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: هذه هداية إرشاد وبيان. لكن قوله تعالى: إذا قلنا في دعاء القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت، فإننا نسأل الله تعالى الهدايتين: هداية العلم، وهداية العمل. وقوله: الجواب: ليكون ذلك من باب التوسل بنعم الله عز وجل على من هداه أن ينعم علينا نحن أيضاً بالهداية، يعني أننا نسألك الهداية فإن ذلك من مقتضى رحمتك وحكمتك ومن سابق فضلك فإنك قد هديت أناس آخرين. وهذا فيه نوع من التوسل بفعل الله تعالى وهو هدايته من هدى. هل المعافاة من أمراض البدن، أو من أمراض القلوب، أو من الأمراض البدنية والقلبية؟ فالجواب: من الاثنين أي عافنا من أمراض القلوب، وأمراض البدن. وما الذي يتبادر إلى أذهانكم إذا دعوتم الله بهذا الدعاء: وأمراض القلوب تعود إلى شيئين: 1- أمراض الشهوات ومنشؤها الهوى، فإن الإنسان يعرف الحق لكن لا يريده، فله هوى مخالف لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. 2- أمراض الشبهات ومنشؤها الجهل، فإن الإنسان الجاهل يفعل الباطل ويظنه حق، وهذا مرض خطير. فأنت تسأل الله العافية من أمراض الأبدان وأمراض القلوب التي هي أمراض الشبهات، وأمراض الشهوات. وعندما نقول أمراض الشهوات فلا تظن أننا نزيد أمراض الشهوة الجنسية – وهي شهوة النكاح – ولكننا نريد كل ما يريده الإنسان مما يخالف الحق، فإنها شهوة – بمعنى: إرادة: اشتهى أن يبتدع في دين الله أو اشتهى أن يحرف نصوص الكتاب والسنة لهواه، أو اشتهى أن يسرق، أو أن يشرب الخمر، أو يزني، وما أشبه ذلك. معناه: أي كن ولياً لنا بالولاية الخاصة للمؤمنين كما قال تعالى: أما الولاية العامة: فهي تشمل كل أحد، فالله ولي كل أحد، كما قال تعالى: لكن عندما نقول: "اللهم اجعلنا من أوليائك"، أو "اللهم تولنا" فإننا نريد بها الولاية الخاصة، والولاية الخاصة تقتضي التوفيق، والنصرة، والصد عن كل ما يغضب الله عز وجل. البركة يقول العلماء: إنها هي الخير الكثير الثابت، ويعيدون ذلك إلى اشتقاق هذه الكلمة، فإنها من البركة وهي مجمع الماء مكان واسع ماؤه كثير ثابت. فالبركة هي الخيرات الكثيرة الثابتة. والمعنى أي انزل لي البركة فيما أعطيتني. أي من كل شيء أعطى الله عز وجل ما أكثر الناس الذين عندهم المال الكثير وهم في عداد الفقراء؛ لأنهم لا ينتفعون بمالهم، تجد عندهم من الأموال ما لا يحصى، لكن يقصر على أهله في النفقة، وعلى نفسه ولا ينتفع بماله، والغالب أن من كان هذه حاله وبخل بما يجب عليه، أن يسلط على أمواله آفات تذهبها. كثير من الناس عنده أولاد لكن أولاده لم ينفعوه، عندهم عقوق واستكبار على الأب، حتى إنه – أي الولد – يجلس إلى صديقه الساعات الطويلة يتحدث إليه ويأنس به ويفضي إليه بأسراره، لكنه إذا جلس عند أبيه، وإذا هو كالطير المحبوس في الققص – والعياذ بالله – لا يأنس بأبيه، ولا يتحدث إليه، ولا يفضي إليه بشيء من أسراره، ويستثقل حتى رؤية أبيه، فهؤلاء لم يبارك لهم في أولادهم. تجد بعض الناس أعطاه الله علماً كثيراً لكنه بمنزلة الأمي لا يظهر أثر العلم عليه في عباداته، ولا في أخلاقه، ولا في سلوكه، ولا في معاملته مع الناس، بل قد يكسبه العلم استكباراً على عباد الله وعلواً عليهم واحتقاراً لهم، وما علم هذا أن الذي من عليه بالعلم هو الله، وأن الله لو شاء لجعله مثل هؤلاء الجهال. تجده قد أعطاه الله علماً، ولكن لم يتنفع الناس بعلمه، لا بتدريس، ولا بتوجيه، ولا بتأليف، بل هو منحصر على نفسه لم يبارك الله له في العلم، وهذا بلا شك حرمان عظيم، مع أن العلم من أبرك ما يعطيه الله للعبد؛ لأن العلم إذا علمته غيرك، ونشرته بين الناس أجرت على ذلك من عدة وجوه: أولاً: أن في نشرك للعلم نشراً لدين الله عز وجل، فتكون من المجاهدين في سبيل الله؛ فالمجاهد في سبيل الله يفتح البلاد بلداً بلداً حتى ينشر فيها الدين، وأنت تفتح القلوب بالعلم حتى تنشر فيها شريعة الله عز وجل. ثانياً: من بركة نشر العلم وتعليمه، أن فيه حفظاً لشريعة الله وحماية لها، لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة، فالشريعة لا تحفظ إلا برجالها رجال العلم، ولا يمكن حماية الشريعة إلا برجال العلم، فإذا نشرت العلم، وانتفع الناس بعلمك، حصل في هذا حماية لشريعة الله، وحفظ لها. ثالثاً: فيه أنك تحسن إلى هذا الذي علمته؛ لأنك تبصره بدين الله عز وجل، فإذا عبد الله على بصيرة؛ كان لك من الأجر مثل أجره؛ لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعل الخير. فالعلم في نشره خير وبركة لناشره ولمن نشر إليه. رابعاً: أن في نشر العلم وتعليمه زيادة له، فعلم العالم يزيد إذا علم الناس؛ لأنه استذكار لما حفظ وانفتاح لما لم يحفظ كما قال القائل: يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا أي إذا أمسكته ولم تعلمه نقص. الله عز وجل يقضي بالخير ويقضي بالشر. أما قضاؤه بالخير فهو: خير محض في القضاء والمقضي. مثال: القضاء للناس بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة والهداية والنصر... إلخ. فهذا الخير في القضاء والمقضي. وأما قضاؤه بالشر فهو خير في القضاء، شر في المقضي. مثال ذلك: القحط وامتناع المطر، فهذا شر لكن قضاء الله به خير. قال الله تعالى: فلهذا القضاء غاية حميدة، وهي: الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته، فصار المقضي شراً، وصار القضاء خيراً. "ما" هنا اسم موصول، والمعنى أي شر الذي قضيته، فإن الله تعالى يقضي بالشر لحمة بالغة حميدة. فالله تعالى يقضي على كل شيء؛ لأن له الحكم التام الشامل. فلا يقضي عليه أحد. فالعباد لا يحكمون على الله، والله يحكم عليهم، العباد يسألون عما عملوا، وهو سبحانه وهذا كالتعليل لقولنا فيما سبق: الجواب: هذه الولاية تكون بوصفين بينهما الله عز وجل في كتابه فقال عز وجل: )أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس: 62- 63) وصفان أحدهما في القلب والثاني في الجوارح. (الذين آمنوا) هذه في القلب (وكانوا يتقون) هذه في الجوارح، فإذا صلح القلب والجوارح نال الإنسان الولاية بهذين الوصفين. وليست الولاية فيمن يدعيها من أولئك القوم الذين يسلكون طرق الرهبان وأهل البدع الذين يبتدعون في شرع الله ما ليس منه ويقولون نحن الأولياء. فولاية الله عز وجل التي بها العز هي مجموعة في هذين الوصفين الإيمان والتقوى. قال شيخ الإسلام ابن تيميه أخذاً من هذه الآية: "من كان مؤمناً تقياً، كان لله ولياً". وصدق – رحمه الله – لأن هذا ما دل عليه القرآن. يعني أن من كان عدواً لله فإنه لا يعز، بل حاله الذل والخسران والفشل، قال الله تعالى: قال الله تعالى: فمن عادى الله عز وجل فهو ذليل لا يمكن أن يكون عزيزاً أبداً لكن قد يكون عزيزاً في نظر من لا يرى العزة إلا في مصل ما كان عليه هذا الكافر، وأما من نظر إلى أن العزة لا تكون إلا بولاية الله عز وجل والاستقامة على دينه فإنه لا يرى هؤلاء إلا أذل خلق الله. هذا ثناء على الله عز وجل بأمرين: أحدهما: التبارك والتاء هنا للمبالغة؛ لأن الله عز وجل هو أهل البركة. تباركت: أي كثرت خيراتك وعمت ووسعت الخلق؛ لأن البركة كما قلنا فيما سبق هي الخير الكثير الدائم. وقوله: "ربنا": أي يا ربنا فهو منادى حذفت منه ياء النداء لكثرة الاستعمال، وللتبرك بالبداءة باسم الله تعالى. وقوله: "وتعاليت": من العلو الذاتي والوصفي. فالله سبحانه عليٌّ بذاته وعليٌّ بصفاته، فعلو الذات معناه: أن الله تعالى فوق كل شيء، وعلو الصفات معناه: أن الله تعالى موصوف بكل صفات عليا، فليس في صفاته نقص بوجه من الوجوه(65) "وبك منك" في هذا غاية اللجوء إلى الله، فلا يمكن أن تستعيذ من الله إلا بالله، إذ لا أحد يعيذك من الله إلا الله، فالإنسان يقر بقلبه ولسانه أنه لا مرجع له إلا ربه سبحانه وتعالى. "اللهم صل على محمد" أي: أثني عليه في الملأ الأعلى. "وعلى آل محمد" إذا ذكر الآل وحده فالمراد جميع أتباعه على دينه، وإذا ذكر معه غيره صار المراد بالآل المؤمنين من أهل بيته وغيرهم بحسب السياق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فأجاب فضيلته بقوله: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء الأقرب أنه غير مشروع؛ لأن الأحاديث(66) فالذي أرى في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء أنه ليس بسنة والنبي صلى الله عليه وسلم كما هو معروف دعا في خطبة الجمعة بالاستسقاء ورفع يديه ولم يرد أنه مسح بهما وجهه، وكذلك في عدة أحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا ورفع يديه ولم يثبت أنه مسح وجهه.
فأجاب فضيلته بقوله: رأي المذاهب الأربعة في القنوت كما يلي: 1- المالكية قالوا لا قنوت إلا في صلاة الفجر خاصة؛ فلا قنوت في الوتر ولا غيره من الصلوات. 2- الشافعية قالوا: لا قنوت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان ولا قنوت في غيره من الصلوات، إلا في صلاة الفجر على كل حال، وفي غيرها من الفرائض إن نزلت بالمسلمين نازلة من نوائب الدهر. 3- الحنفية قالوا: يقنت في الوتر، ولا يقنت في غيره من الصلوات إلا في النوازل وشدائد الدهر في الفجر خاصة يقنت الإمام ويؤمن من خلفه ولا يقنت المنفرد. 4- الحنابلة قالوا: يقنت في الوتر ولا يقنت في غيره إلا في النوازل وشدائد الدهر غير الطاعون فيقنت الإمام أو نائبه في الصلوات الخمس غير الجمعة. وقال الإمام أحمد نفسه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر قبل الركوع أو بعده شيء. هذه أقوال أهل المذاهب الأربعة. والراجح أنه لا يقنت في الفرائض إلا لأمر نزل بالمسلمين، أما الوتر فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر لكن في السنن أنه علم الحسن بن علي كلمات يقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره، وقد صححه بعض أهل العلم(67)
فأجاب فضيلته بقوله: إن قراءة الفاتحة بين يدي الدعاء، أو في خاتمة الدعاء من البدع؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفتتح بقراءة الفاتحة، أو يختم دعاءه بالفاتحة، وكل أمر تعبدي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن إحداثه بدعة. وبهذه المناسبة: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة رقية(68)
فأجاب فضيلته بقوله: الإنسان في صلاة الوتر يجلس مفترشاً؛ لأن الأصل في جلسات الصلاة الافتراش، إلا إذا قام دليل على خلاف ذلك، وعلى هذا فنقول يجلس للتشهد في الوتر مفترشاً، ولا تورك إلا في صلاة يكون لها تشهدان فيكون التورك في التشهد الأخير للفرق بينه وبين التشهد الأول هكذا جاءت السنة، والله أعلم.
فأجاب فضيلته بقوله: نعم له أصل من السنة، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي بأهل مكة وهو مسافر كان يقول لهم:
فأجاب فضيلته بقوله: الشفع والوتر والتهجد تجوز فيه الجماعة أحياناً لا دائماً، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جماعة ببعض أصحابه، فمرة صلى معه عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما(70) لكن هذا ليس راتباً أي لا يفعله كل ليلة، ولكن أحياناً: فإذا قام الإنسان بتهجد وقد نزل به ضيف وصلى معه هذا الضيف جاء في تهجده ووتره فلا بأس به، أما دائماً، فلا. وهذا في غير رمضان؛ أما في رمضان فإنه تسن فيه الجماعة من أوله إلى آخره من التراويح ومنها الوتر.
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة الوتر سنة مؤكدة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ووقتها: من صلاة العشاء ولو كانت مجموعة إلى المغرب جمع تقديم إلى طلوع الفجر. ولكن يجعله الإنسان آخر صلاته من الليل، ثم إن كان ممن يقوم في آخر الليل، فليؤخر الوتر إلى آخر الليل حتى ينتهي من التهجد، وإن كان ممن لا يقوم، فإنه يوتر قبل أن ينام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة – رضي الله عنه – أن يوتر قبل أن ينام(74) وأما القنوت في الوتر فليس بواجب، والذي ينبغي للإنسان أن لا يداوم عليه؛ بل يقنت أحياناً، ويترك أحياناً. وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فمن العلماء من قال: إنه بدعة؛ لأن الأحاديث الواردة فيه ضعيفة(75) ومن العلماء من قال: إن المسح سنة بناء على أن الأحاديث الضعيفة إذا تكاثرت قوى بعضها بعضاً. والذي أراه أن مسح الوجه بعد الدعاء ليس بسنة؛ لكن من مسح فلا ينكر عليه، ومن ترك فلا ينكر عليه.
|